إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 5 يناير 2014

" نخل العراق وياسمين دمشق بين رياح التهويد "


انها سورية تتصدر المشهد الثقافي اليوم وتأسر ابصارك الى حادثة اعدام قديمة من عشرات السنين وضعت فيها حضارة بلاد مابين النهرين تحت مقصلة الاحتلال الديموقراطي. لمحة سريعة كفيلة لتستعرض شريط الذكريات الاسود ذاك ...لتستذكر نهب المتاحف وقصفها,حرق المكتبات والمخوطات القديمة وتهريبها خارج البلاد ...لتستذكر مشهد كراسات المرافق العلمية والتربوية وهي تتطاير في فضاء بغداد وتتساقط جهلا وترديا وانحطاطا في نفوسنا .والراعي الرسمي لهذه الغوغائية كانت بشائر الحرية الامريكية . اليوم وبعد عشرة سنين يستوقفنا المشهد ذاته بتفاصيله بعناصره بغاياته وميوله ولكن مسرحه الان كل البقاع السوري ومنفذيه دمى عربية تكفيرية مغلولة بخيوط الحرية الامريكية من جديد ...فترى كنائس تسرق وصلبان تنزع وايقونات دينية عمرها الاف السنين تتلف وتماثيل للعذراء مريم على الارض تهوي لتمتزج مع حطام المقامات والاضرحة ورفات الانبياء والقدسين لتصبح حضارتنا تبرا غائرا ومغمسا بوحل تكفيري عناصره رماد ودماء. لمحة تاريخية في تاريخ هذه المنطقة ودراسة سطحية لاحجار المستعمرين المتهالكة فيها تريك بانهم ولتأمين ديمومتهم واستمراريتهم حاولوا اولا تجذير انفسهم في تربتها عبر تفريغ المنطقة ثقافيا وفكريا وتبديد هذه الحضارة والقضاء عليها. ومن ثم بث افكارهم وقيمهم ومناهجهم .فيسهل التغيرعندئذ وتصبح قدرة الشعوب على اكتساب الجديد في غاية السهولة بسبب غياب المرجعية التاريخية والتي تشكل البوصلة التي تقوم الانحراف فكيف الحال اذا كانت هذه المرجيعية وليدة ارض تعتبر مهد الحضارات والديانات واصولها وفيها اقدم عواصم العالم تمدنا في التاريخ كدمشق .... فترى اثار حوافر خيول روما بارزة في تدمر, وترى قيودها في معصم زنوبيا ملكتها المسبية المسترقة لتحطيمها كرمز للتمرد ولعدم الانصياع للمطامع المستبدة.وترى قصص جيوش المماليك ,واحراقها للقرى والحقول في مخطوطات وكتب واوراق خطها السيد عبد الحسين شرف الدين بحبره وريشته واودعها مكتبته ,التى اتلفتها جنرالات فرنسا انتقاما منه ومن مقاومته, لتمسي رذاذا منثورا في هواء بلادنا كحال مكتبات جبل عامل ,التى نقلها الجزار ايام حكم السلطنة العثماية الى عكا واشعل بها افرانها لايام وايام وكل ذلك لتطويع هذه الشعوب وسلخها عن تاريخها الذي يتباهى بان في ايامه كبرت "ست المشايخ فاطمة " ابنة الشهيد الاول والتي اكتفت مقابل حصتها من ارث والدها بالكتب التي ابقاها في تركته واخريات كان مهرهن باقة كتب ومخطوطات .... لكن المستعمرين اصطدموا بالاديان المتاصلة في نفوسهم والتي شكلت مرجيعية اخرى تضم الى مرجعية الزمان والمكان فعادت الجيوش الى بلادها تجر اذيال الخيبة والهزيمة ...فكيف السبيل الى استعمار الشعوب نفوسا واوطانا ؟؟وبعد محاولات ومحاولات وبعد تطوير الاساليب بما يتكيف مع العصر ومتطلباته وعناصره من توجيه وسائل الاعلام والتلويح بالحصار وضرب الامن الغذائي وبعد هزيمة جيوش الاستعمار الهادفة الى التحرير والديموقراطية ظاهريا واخرها كان في العراق تم ابتكار ربيع عربي مسخ تكفيري الملامح يحكم باسم الله ليضعف صورته في النفوس ويزرع بذور التفرقة بين الاديان ....فتضرب بذلك المرجعية الدينية بالتوازي مع ضرب المرجعية الثقافية المتمثلة بالمكان والزمان والحجر فتنسى البشرية ماضيها وهدف خلقها الالهي وتنسى بانه افترش يوما ارض المسجد النبوي مسيحيو نجران لصلاتهم وتنسى البشرية بان ملك الحبشة العادل الذى دعا النبي المسلمين الاوائل الى اللوذ الى كنفه كان نصرانيا وتنسى بعضا من اسطر الامام علي الى مالك الاشتر والذي يقول فيها بان الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظيرلك في الخلق ...فيختلف عندها الناس في الله ويتفرقوا شيعا ومذاهب ويصبحوا لقمة سهلة امام مساعي التهويد الفكري والاجتماعي وحتى التاريخي الثقافي والسياحي فتجوف هذه البقعة والتي تسمى الشرق من جوهرها ويتم مصادرتها وجعلها قلادة يتزين بها جيد الكيان الصهيوني .... وهذا ما يدفعنا الى التفكير مليا بحماية هذه المنطقة من هجمات التدمير الممنهجة للاثار والثقافة وللاديان ...
بلال نورالدين


اللهم عجل لوليك الفرج