إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 11 أكتوبر 2015

فلسطين.. ويبقى الجواب سكينًا وحجرًا

بلال نور الدين - بيروت برس
هي فلسطين، ذلك الهدير الذي لم يهدأ بل مازال يصدح منذ تأسيس أول مستعمرةٍ لليهود في فلسطين عام 1878، مرورًا بالانتداب البريطاني وثورة العام 1929 وثورة القسام عام 1939، وصولًا الى عصر الكيان الغاصب.
حكاية فلسطين مع الرماد والدخان حكايةٌ وثيقةٌ غير عابرة، حكايةٌ تلاحم معها الدم الفلسطيني بالتراب وأشجار الزيتون وظلال القناطر، فأصبحوا مسمًا واحدًا مرادفًا لمفردات الحب والحديد والنار.
عام 1936، تنبّه الشيخ عزالدين القسام لخطوة تفريغ فلسطين وتحويل الملكيات فيها الى اليد اليهودية عبر شراء الأراضي تارةً وعبر مساعدة الانتداب البريطاني لليهود تارةً أخرى، فمرةً يعطونهم السلاح والهراوات وينشؤون المعسكرات التدريبية لهم ويصادرون السلاح الفلسطيني، ومرةً يسلمونهم منافذ الحكم وأوصاله في فلسطين بمراكزه وإمكانياته... في معادلةٍ تجعل الفلسطيني غريبًا في أرضه كزيتونةٍ زرعت وسط صحراء تحاوطها القحالة التي تتزايد كل يوم.
في هذا الجو ظهر القسام، فتنقّل بين المساجد والمنابر والمناطق محذرًا من الوضع الراهن وداعيًا الى مقاومة الانتداب والحراك اليهودي معًا، فعارض بناء الفنادق في القدس وتزيين المساجد بالجواهر، في حين رأى الافضلية لتسليح المقاتلين والثوار... جمع الرجال، باعوا حلي نسائهم واثاث بيوتهم وأعلنوها ثورةً ضد التهميش، والظلم وسرق البلاد، فاستشهدوا وتقدست أسماؤهم بين المقاومين والشهداء العظام.
ومرّت الانتفاضة الأولى والثانية بنفس العزيمة، وها نحن اليوم أمام انتفاضةٍ ثالثة تعتبر الأخطر والأوعى في زمانها. فبعد تخدير الشارع السائر وسيطرة قوى الاعتدال والسلام في فلسطين على زمام المقاومة وإطلاق الرصاصات، ظهرت المقاومة الرافضة للحلول، الرافضة لزواريب السياسة والمقاولات، وأعلنها روّادها مقاومةً حرةً وانتفاضةً أبيةً بالاظافر والسلاح الأبيض، مبددين حلم الاعتدال ومهمشين سياساته في فلسطين.
فمع عملية الطعن الأولى التي نفذها الاستشهادي مهند الحلبي، ومع توالي العمليات في العفولة الى تل ابيب والقدس والضفة وكريات جات ورام الله، سياسةٌ جديدةٌ ترسم على الخطوط الفلسطينية، وهي سياسة التمرد والتطوع والمبادرة الذاتية.. سياسةٌ تعطي الفلسطيني زمام الأمور والقرار بالسلم والحرب بعد أن أضاعه لسنين في محافل السياسة والدبلوماسية، وتثبت قرار الحرب والمقاومة حتى النصر.
وكما يقول نزار قباني، "من يوم أن حملت بندقيتي صارت فلسطين على أمتار"، وإن استمرّت الانتفاضة على هذه الوتيرة فسيصير الأقصى على بعد أمتارٍ، وستلمع قبة الصخرة منيرةً كامل فلسطين والعالم العربي ومعلنةً قرب الحرية والانتصار.
ومن لبنان المقاوم دومًا، نقول للفلسطينيين اكسروا سلامهم وأمنهم فتهون أرض غيرهم عليهم، وأخبروهم بأنّ ظل زيتوننا لن يعانق سوانا، وأنّ عبير التراب والزهر والليمون لن ينشر في الفضاء إلّا لنا، وأننا نحن من ندرك معاني جمالها، من نتحدث لكنتها، من ننعم بحلوها ومرها... باقون فيها إما أحياء أو ندفن في مهدها شهداء.
بلال نور الدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق